موقع جيوآستراتيجي جد هام

على مساحة تقدر ب 17 كلم 2 تمتد مدينة برشيد فوق وسط سهل الشاوية  المنبسط والمعروف بتربة التيرس الخصبة فلاحيا   حيث تحدها شمالا جماعة أولاد صالح، جنوبا وغربا سيدي المكي، وشرقا جماعة جاقمة حيث  تنفرد مدينة برشيد بموقع جغرافي استراتيجي متميز يجعل منها جسر عبورلا غنى عنه بين جهة الدار البيضاء الكبرى و جهة الشاوية ورديغة، بحيث لا تبعد عن العاصمة الاقتصادية للبلاد إلا بحوالي 35 كلم، وعن ميناء الدار البيضاء بحوالي 40 كلم وعن المطار الدولي النواصر بحوالي 12 كلم، وعن مدينة سطـات عاصمة الجهة ب 30 كلم،وعن مدينة مراكش بحوالي 200 كلم وعن مدينة الجديدة بحوالي 90 كلم .

برشيد:الإسم، الذاكرة والتاريخ

برشيد: لفظة تخفيف لإسم إبن رشيد، تيمنا بعائلة الرشيد الذائعة الصيت بمنطقة الشاوية، والمنحدرة من قبيلة أولاد حريز، فخذة الفقرة أولاد علال، ومن إسم أحد الإخوة الثلاثة للولي الصالح سيدي عمرو بن لحسن، الذي جاء بمعية أخويه عبد الله وعثمان من سهل تادلة، ليستقر بمنطقة أولاد حريز بسهول الشاوية.

 وأسرة الرشيد هاته، من أصل إدريسي، نسبة إلى الشرفاء الأدارسةبحكم أن الولي الصالح سيدي عمرو بن لحسن هو أحد أحفاد الولي الصالح سيدي عيسى بن ادريس دفين أيت عتاب  إقليم بني ملال الذي هو احد  الأبناء الإثني عشر للمولى إدريس بن ادريس مؤسس ودفين مدينة فاس، وقد أخذت هذه العائلة إسمها الرشيد عن جدها الأول، المسمى رشيد بن عثمان بن بوشعيب، قائد قبيلة أولاد حريز في ظل حكم السلطان المولى عبد الرحمان.

 وقد شغل كل من أخ الرشيد وإبن أخيه، وظيفة الاعتبار والجاه في الشاوية:القيادة. وفي نفس الإطار وتحت نفس العنوان، لا بد أن نذكر القائد بوشعيب بن عثمان، الذي يرجع له قصب السبق في إطلاق أشغال بناء قلعة العائلة بالمنطقة: قصبة برشيد التي تم هدمها بفعل أحداث السيبة وتم على أنقادها بناء مستشفى الامراض العقلية الشهير على يد المستعمر الفرنسي بعد الحماية.

 وكان هذا الأخير قد عين سنة 1805م/1220ه قائدا على قبائل أولاد حريز، والمذاكرة، وأولاد علي، وأولاد زيان، وأولاد امراح، والزيايدة. وعند وفاته، خلفه في منصب القيادة

 إبنه الحطاب لمدة إحدى عشر سنة، قبل أن يسحب من تحته بساط السلطة على يد عمه رشيد.

وعلاوة على ممارستهم للحكم على القبيلة، ونسجهم لعلاقات امتياز مع المخزن، لا سيما وهم المعروفون بغنى ثرواثهم، فإن أهل الرشيد كانوا يفتخرون بروابط القرابة والمصاهرة مع القصر، بحيث نجد أن سلطانين علويين قد تزوجا من بناتهم، ويتعلق الأمر بالسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان الذي تزوج لالة مينة، ثم بعد موتها تزوج أختها لالة مليكة، كما تزوج السلطان مولاي عبد العزيز لالة السعدية برشيد.

 وهكذا، ستتوالى مسؤولية القيادة مع محمد بن رشيد بن عثمان، قائد الشاوية، والرجل العسكري الكبير الذي خلف عند وفاته سنة 1867م/1283ه إثنتا عشر إبنا وستة وعشرين بنتا. وقد استخلفه إبنه البكر رشيد على رأس القبيلة، قبل أن يؤول الحكم، ثلاث سنوات بعد ذلك،إلى أخيه عبد السلام.

وقد مارس هذا الأخير، حكما قويا على قبائل أولاد حريز والمذاكرة وأولاد علي،وعين من طرف السلطان مولاي الحسن على رأس السفارة المغربية ببرلين/ ألمانيا في عهد غيوم الثاني، ثم عين بعد ذلك على رأس السفارة المغربية بإيطاليا. وبعد وفاته سنة1903م/1320ه، خلفه إبنه البكر المعروف بالحاكم أحمد .......الذي سيلقى حتفه،بعيد ذلك، بتازة على إثر مشاركته في الحركة السلطانية ضد المتمرد الروكي بوحمارة، قبل أن يعود الحكم إلى عشيرة عبد السلام في شخص إبنه محمد الملقب بولد شميشة. وقد تمكن هذا الأخير من ممارسة حكمه بقبضة من حديد إلى حدود سنة 1923م، على الرغم من المنافسات القيدالية والانتفاضات الشعبية التي شهدتها الشاوية، التي ستجتاحها كتائب الاستعمار الفرنسي سنة 1908.

 وإلى اليوم، لا تزال سمات عائلة الرشيد ملموسة في المنطقة، من خلال مدينة برشيد الواقعة جنوب الدار البيضاء، المدينة التي تحمل إسم العائلة والمشيدة فوق تراب إقطاعية الرشيد، وفوق سياج قصبتها المسماة دار برشيد.

 

  المصدر:عن كتاب منى

التضـاريس: توجد مدينة برشيد فوق سهل منبسط على ارتفاع يصل إلى 215 مترا عن سطح البحر. و يتميز سهل برشيد بالحركات التكتونية للجيل الجيولوجي الثالث المفعم بالتحولات البحرية و القارية للزمن الرابع السميك و الذي يتراوح ما بين70 و90 متر؛ كما أن الطمي المركب طيني مغطى بواسطة طمي غريني مرسب و سميك يتجاوز أحيانا مترين.

 

يخضع طقس المدينة لتأثيرات المحيط الأطلسي مما يجعل المدينة تتمتع بجو معتدل على العموم, حيث يصل المعدل السنوي لدرجة الحرارة 17,6 درجة أي ما بين25,2  كدرجة عليا خلال شهر غشت و9,7 كدرجة دنيا خلال شهر يناير. بينما يصل المعدل السنوي للتساقطات المطرية 370 ملم. و تهب على المدينة رياح جنوبية غربية محملة بأمطار من نونبر حتى شهر فبراير, رياح شمالية غربية من مارس إلى يونيو, و رياح ساخنة من يونيو حتى شهر شتنبر.

 

مأساة العالم القروي، وسنوات الجفاف المتوالية التي أثرت بشكل كبير على معظم القرى المحيطة ببرشيد، وتفكك الملكيات العقارية لعب دورا كبيرا في تنشيط الهجرة القروية من مختلف البوادي والقرى نحو مدينة برشيد، كان عاملا أساسيا في تسريع النمو الديموغرافي والتوسع المجالي والتحول العمراني للمدينة التي ظل عدد سكانها لا يتجاوز 2000 نسمة مع بداية العشرينات و8.000 نسمة إلى حدود سنة 1936، إلا انه مع نشاط الهجرة القروية في منتصف الأربعينات والخمسينات انتقلت المساحة العمرانية لبرشيد من 49 هكتار سنة 1936 إلى 73 هكتار سنة 1952. ومباشرة بعد الاستقلال وإلى حدود سنة 1960 أصبحت برشيد مجالا قويا للنمو الديموغرافي والتوسع العمراني وذلك ب 13.780 نسمة على مساحة80 هكتار، حيث قفز النمو السنوي إلى نسبة 11% ، غير أنه وبعد هذه القنبلة الديموغرافية سينخفض معدل النمو خلال الستينيات إلى إيقاع يتراوح ما بين% 3 و% 4، إذ بلغت ساكنة المدينة20.113 نسمة على مساحة291 هكتار سنة 1971 ، وفي سنة 1982 بلغ عدد ساكنة برشيد 29738 نسمة حيث غدا النمو السكاني يسير وفق إيقاع سريع ما بين % 4.2 و6.4% ، وهو ما يعني أن 1750 نسمة و56.3 هكتار أصبحت تنضاف سنويا إلى المدينة. وقد وقف إحصاء سنة 1994 للسكان والسكنى، على أن ساكنة برشيد وصلت إلى54.781 ساكن يشكلون حوالي 10.061 أسرة، أي بمعدل 539 فرد للأسرة. بينما بلغ عدد السكان النشيطين بالمدينة حوالي 19.474 فردا توجد من بينهم 4482 امرأة نشيطة، تبلغ نسبة %20 منهن سن الإنجاب. بحيث تبلغ نسبة الولادات بالمدينة %1.31 سنويا، بينما لا تتعدى نسبة الوفيات %0.29، الشيء الذي يجعل برشيد، إضافة إلى عامل الهجرة، تعرف كثافة سكانية تصل إلى 2029 نسمة في الكيلومتر المربع. و حسب عملية إحصاء السكان والسكنى لسنة 2004 وصل عدد السكان إلى89.830 نسمة أي بزيادة تقدر بحوالي% 64، وحسب تقديرات وزارة التخطيط ستصل ساكنة برشيد في أفق سنة 2018 إلى 180.000 نسمة.